صوت الكرنق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
صوت الكرنق

منتديات أبناء جبال النوبة بدول إسكندنافيا


    مناطق الهامش وتحديات المرحلة الراهنة: (4)

    avatar
    عبدالله النو رتيه
    مشرف إداري
    مشرف إداري


    العمر : 62
    تاريخ التسجيل : 02/01/2011
    عدد المساهمات : 22
    نقاط : 5182

    مناطق الهامش وتحديات المرحلة الراهنة: (4)  Empty مناطق الهامش وتحديات المرحلة الراهنة: (4)

    مُساهمة  عبدالله النو رتيه الخميس مارس 10, 2011 2:19 pm

    مناطق الهامش وتحديات المرحلة الراهنة: (4)

    هل من دورٍ للحكماء بعد؟ (ب)

    ~ إنشاء مؤسسات قومية جامعة، حكومية كانت أم خاصة، مثل المؤسسات الزراعية والصناعية والبنوك والمصارف والكهرباء الخ بهدف توظيف الإمكانيات البشرية المتاحة وإستغلال خيرات تلك المؤسسات وتسخيرها لخدمة المواطن والوطن. فمن خلال إستثمار رؤوس أموال هذه المؤسسات تتمكن هذه المؤسسات من لعب دور فعَّال في إشراك شرائح غير قليلة في سوق العمل وعليه تقل نسبة العطالة في المجتمع وتذوب الفروقات الإثنية وتقل معه عوامل التوجس والريبة العالقة في نفوس أفراده وهذه مجتمعة تؤدي لتسريع عجلة الإندماج فيما بينهم؛ ومن الفوائد الإيجابية كذلك لهذه المؤسسات شعور المواطن بالتكافل الإجتماعي وبالأمن الإقتصادي فضلاً عن التدوير المثالي لآلة المال وإنعكاساتها الموجبة في تماسك الأمة وتقوية الشعور بالمواطنة.

    ~ قومية الإعلام: الإعلام سلاح غاية في الخطورة تتعدى خطورته الحدود ويبلغ مداه آفاقاً غير منظورة. فالإعلام يدخل دارك دون إستئذان وينقل إليك ما يدور في عالمك في ثوان وله القدرة علي بلورة وصياغة الأفكار في قوالب لا يستطيع معه الفرد تجنبها أو النأي عنها فلذلك أصبح الإعلام أداةً هامةً يرجى قطافها إيجاباً إن أُحسن أستخدامها أو سلباً إن كان عكس ذلك. ففي دولة مترامية الأطراف ومتعددة الثقافات كالسودان يلعب الإعلام دوراً غاية في الأهمية في تقريب أفراد المجتمع بعضه بعضاً من خلال صياغة تلك الثقافات المتنوعة وتقديمها لجمهرة الموطنين في قالب يستطيع الكل النهل منه؛ وعليه ولإهميته حرِيٌّ به أن يُولى إهتماماً خاصاً في قوميته وفي نوعية ذوي الإختصاص ممن يتولون دفة قيادته بغية الوصول به وبأهدافه إلي غاياته السامية في ترابط المجتمع وتنسيق تناغمه ولجم سلوك النشاز منه. أجلٌ؛ إن كلمةً شاردةٌ ناشزةٌ تستطيع هدم ما بنته الأمة في عقود كما وتنضح بالبغضاء والكره ما يعين على فرط منظومة العقد الإجتماعي في تلك الأمة مما يسهم في بروز التعصب الجهوي ومآلاته البغيضة على المجتمع. توجيه الإعلام لأمصار البلاد الدانية منها والقاصية بغية الوقوف على صنوف فنونها الموروثة منها أو المكتسبة وعكسها للمجتمع للتعرف عليها وإستيعابها كإحدى ثقافاته لضرورة قصوى تمليها الأمانة الوطنية والمسئولية الإجتماعية على السواء. إن إطار قومية الإعلام لا يكتمل إلا بضرورة تناول ركناً مهماً من أركانه يتمثل في حرية التعبير سواء أكان ذلك من خلال التعبير اللفظي أو الكتابي. إن التعبير بمعنييه هذين يعينان المرء على البوح بمكنون الصدر وما يعتلجه من أفكار وهموم يعين على رصد نبض المجتمع ومن ثم تبويب تلك الآراء على نسقٍ من المهنية تساهم في تحليل وبلورة تلك الآراء بغية الإستفادة من مدلولاتها؛ أيضاً تساهم حرية التعبير في بناء النقد الذاتي الهادف وتقبل الرأي الآخر بموضوعية ورحابة صدر غايتها تبصير البعض بسلبياته وجوانب النقص فيه وعلام تتم معالجتها لتصب في جملة الصالح العام للمجتمع.

    2 ـ تمازج وتلاحم النسيج الشعبي:

    ~ تفعيل التداخل بين أفراد الشعب على أسسٍ من التوافق الإجتماعي وتمتين هذا التوافق عن طريق التزاوج.

    ~ ضرورة المحافظة على علائق الجوار وتمتينها لاسيما بين قبائل التماس والتداخل في الأقاليم؛ فكثيراً ما إنفرط عقد التعايش السلمي بينها مما يؤدي إلى مشاكل إجتماعية تستعصي معها الحلول.

    ~ إستغلال اللغات والثقافات المتباينة وتسخيرها في خلق إرث حضاري مشترك تتبلور من خلاله هوية قومية متعارف عليها.

    ~ الإعتراف بمبدأ الديانات والإثنيات المختلفة وجعل المواطنة جوهراً للحقوق والواجبات بحيث تتلاشى معها عناصر الخوف والريب والتمييز لدى أفراد المجتمع. ~ محاولة ردم الهوة التي يزداد قطرها بين الفقراء والأغنياء يوماً بعد يوم من خلال التكافل الإجتماعي ـ ورغم محدوديته إلا أنه كثيراً ما يُؤتي أُكله ـ تلك الهوة التي يتفاقم معها الشعور بعدم العدالة في جوانب الحياة المختلفة لاسيما شظف العيش، المشكلة التعليمية، المشكلة الصحية، قلة فرص العمل لدى الخريجين، عوائق التنمية بشقيها البشري والإقتصادي ... إلخ.

    ~ ضرورة تشجيع منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية الأخري وتهيئة المناخ الملائم لنشاطاتها بغية سد الفجوات التي تنشأ بغياب الدور الرسمي. المؤآزرة الحقَّة لهذة التنظيمات وتسويتها في الحقوق والواجبات وكفالتها من قِبل السلطات الرسمية هي الضمانة الحقيقية لأداء وظيفتها الإنسانية الحقَّة التي تستحوذ على رضاء المواطن بخدمات تلك التنظيمات وإهتمام الدولة به.

    3 ـ دور الأحزاب السياسية: بقدر ما أسهمت الأحزاب السياسية السودانية المختلفة في إثراء الحركة الوطنية وتطورها إلا أنها فشلت في إرساء دعائم الوطنية وبذر حب الوطن في نفوس الشعب السوداني مما كان له كبير أثر في إذكاء روح القبلية والعشيرة في صلب المجتمع. مرد ذلك أن تلك الأحزاب قد بنت أجندتها إما على آيديولوجيات خارجية لم تستطع الفكاك من أسرها بعد أو أن ولاءها لتلك الجهات الخارجية ما فتئت هي المسيطرة عليها حتى هذه اللحظة الأمر الذي أفقدها صواب الرؤية. على هذه الضبابية تمخضت رؤى تلك الأحزاب فتولدت وهي مصابة بسبتيسيميا (مرض تسمم الدم) الأفكار المستوردة وعليها شبت ولذلك لم تقو على الإتيان ب"عجينة" فكرية وسياسية يغلب عليها الطابع الوطني السوداني المتعدد الثقافات. تعددت أحزابنا السياسية وتعددت طرائقها ولم تنتظمها رؤية وطنية سوية غايتها المصلحة العليا للبلاد بل كان قدر وجُل تفكيرها هو كيفية الوصول لكرسي الحكم والإستئثار به بغض النظر عن تداعيات ذلك الوصول وأثرها على مستقبل الوطن ونسيجه الإجتماعي، كما وأن المكايدات والمزايدات الحزبية الضيِّقة كان لها القدح المُعلَّى في تفاقم أزمة الحكم والسلطة في السودان وتأثير ذلك على عقلية وفكر المواطن السوداني إجمالاً. إرتضت كثير من أحزابنا السياسية وأنظمة حكمنا المتوالية العروبة أصلاً لثقافتنا الوطنية وأدارت ظهر المجن لحقيقة الواقع الإفريقي فيها فأغضبوا أتباع ذلك الواقع الذين إرتأوا الرحيل بأبدانهم دون قلوبهم ومن يدر بغدِ آخرين لا يزال درب الشعور بالدونية وغلواء الآخرين ينتظرهم؟ أيضاً تُزايِد الأحزاب بورقة الدين لكسب التأييد الشعبي والذي لم يجد نصيبه بعد من التطبيق السوي الذي يقنع معتنقيه قبل غيرهم وبذلك أصبح أمر الدين بعبعاً أو هاجساً يُدخِل الهلع في قلوب غير المسلين بدلاً من الأمن والأمان، بل أصبح يُنظر إلى الدين على أنه أداةٌ للتمييز بين المواطن وصَنْوِه الآخر في الوطن الواحد. إن العقبة الكؤودة التي تهتك بالنسيج الوطني السوداني هي تأليف القبائل السودانية وتوظيفها لخدمة المصالح الحزبية بل وتأليبها ضد بعضها البعض. إن إختلاق الإرتزاق السياسي والرغبة السلطوية الجامحة لدى كثير من الأحزاب السياسية، كانت السبب في الزج بالعصبيات في العمل السياسي، مما نتج عنه خروج السياسة عن قواعدها الطبيعية، لتتحول إلى حرب إفناء، وإلغاء وإستنزاف متبادل، مما أدى لتشتيت جهود أفراد المجتمع، وإحداث الفرقة فيما بينهم. كما أن وجود طبقات إجتماعية قد ساهم في إذكاء حالة التوتر بين أبناء المجتمع الواحد، خاصة عندما يشتد الصراع الطبقي نتيجة وجود ظلم إجتماعي داخل الدولة، وقد يشتد مخاض الثورة الإجتماعية بسبب هذا الصراع، ويؤدي فيما بعد إلى ولادة الثورات الإجتماعية والإنقلابات والتوترات داخل الدولة مما يضعف معها الوحدة الوطنية لتلك الدولة.

    لا يغيب دور المعارضة السياسية البنَّاءة والهادفة في تصحيح مسار الحكم في الدولة حيث تكون تلك المعارضة العين الرقيبة على أداء تلك الحكومة وتقويم إعوجاج سياساتها من حين إلى آخر بغية الإرتقاء بأدائها قدماً، إلاّ أن حال المعارضة السودانية قد إنحرفت بوصلة توجيهها نحو الآسن من مياه المكايدة بغية إغراق الخصوم فيها حتى لا ينسب لهم فضل الأعمال وسبق الأفعال وعليها لم تسمو المعارضة السودانية لدورها المنوط به إلى اليوم. الأحزاب السودانية اليوم مطالبة بتغليب صوت العقل على صوت المصلحة الشخصية أو الحزبية الزائفة وأن تتذكَّر قول سبحانه وتعالى: " ولا تستوي الحسنة ولا السيئة إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌ حميم" سورة فصلت، الآية 34؛ أو كما يقول الشاعر:



    إزرع الجميلَ ولو في غير محله ****** فلن يضيعُ جميلٌ أينَما زُرِعَا



    يقيني أن الذي يصبو إليه المواطن السوداني من أحزابه السياسية هو التعاون على تذليل صعوبات الحياة المعيشية اليومية التي تؤمِّن له ولعائلته إستمرار دوران عجلة الحياة بأمان وسلام، وعندما تقود أحزابنا السياسية سفينة الوطن هذه بإرادة قومية قوية وبصيرة مستقبلية نافذة تتخطى بها أساسيات تلك الحياة اليومية، حينها سيختفي هتاف الشارع "الشعب جعـــــان يا فــــــلان" أو هتافات المرحلة الراهنة " الشعب يريـــد إسقاط الرئيـــس" عندئذٍ: فقد سبق السيف العزل.

    إن جملة الأمور أعلاها ـ مع غيرهاـ إن رٌوعيت حق رعايتها وتم تثبيت أركانها في المجتمع السوداني، فسوف نستشرف آفاقاً إجتماعية جديدةً تكسو النسيج السوداني حُلَّةً زاهيةً تكون هي اللوحة الإجتماعية المبتغاة والتي يبحث عنها الشعب السوداني للتعايش السلمي في دولة السودان المتعددة الأعراق والألسن والثقافات دون الإلتفات إلى جذورٍ لا تبعث لنا إلا بواعث التعنصر والتشرزم والإنقسام. من هنا تبرز أهمية الحكمة والحكماء الذين يناط بهم القيام بذلك الدور الرائد في صياغة تلك الحقائق الساطعة وبلورتها إلى قيمة دستورية تستنهض همم كل الوطن لرعايتها وإنزالها لأرض المعايشة اليومية والتي تتعضد وتقوى بها وحدة الوطن. إن حكمة أهل السودان لمشهودةٌ لها منذ القِدَم وآتت قطافها في كل حينٍ إستفحل فيه الأمر وتجلل، فدلائلها كَمُنَت ولا تزال في مجالس الأجاويد (مجالس التحكيم الأهلي في السودان) التي تَبٍتُّ وتفصل في القضايا الخلافية التي تنشأ بين المواطنين أو العشائر أو القبائل؛ مما يعني أن الله تعالى قد حبا السودان بنعمة الحكمة وبصيرة الحكماء وتتبقى فقط تَولِيَتهم أمر تلك الحكمة لتفصيلها على المنوال السوداني دون مزايدة من حزب أو مناورة من نظام.

    إن إيداع تلك الحكمة في أيادي عاقليها وغرسها في بيئة السودان الطيِّب أصلها، ستؤتي بلا محالة ثمارٌ لن يقتصر قطافها وأُكلها على حزب بعينه أو عشيرة بإسمها أو ملَّة وطائفة بلونها بل ستتعداها لتشمل كل بقعة من بقاع السودان وكل دار من دياره وكل ذي كبدٍ رطبٍ ينبض قلبه حياةً بإذن الله تعالى إسمه وتسامت قدرته. تلك هي الأمنية التي ظلت الأعناق مشرئبة إليها على مر العقود وتنعقد عليها الآمال عبر الدهور وليتها تتحقق.... ليتها تتحقق .... لينعم السودان ويخلد وطناً يسطع ويزهو بألوان طيفه.



    mosonur2003@yahoo.no النور الوكيل الزبير

    النرويج

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 8:49 pm