بعد 21 عاما من طاغوت حكم باسم الدين والانقاذ أشبع الشعب ظلما واهانة واستبداد، حان أوان التغيير.
حسن الطيب
منذ الخامس والعشرين من يناير، وحتى رحيل الطاغوت في الحادي عشر من فبراير، لم تفلح الهراوات ولا الغازات المسيلة للدموع، في تغيير مسار شباب ميدان التحرير، وفشل الجنجويد وشراذم البلطجية، في وأد حلم الشباب الذي قال عنه فاروق جويدة، جاءت ثورة الشباب خارج السياق من جيل كنا ننظر له نحن الكبار باستخفاف كبير وبانه جيل تافه ضحل في ثقافته غريب في انتماءه كسول في أحلامه وكنا دائما نسخر منه ومن أذواقه وملابسه وأفكاره.. واكتشفنا فجأة وبلا مقدمات أن هذا الجيل أعطانا درسا في الوطنية والوعي والانتماء والشجاعة والإصرار.. هذا الجيل الذي جمع كل متناقضات عصره ووطنه ما بين الفقر الشديد والثراء الفاحش وما بين ثقافة ضحلة قدمناها له طوال سنوات عمره وانفتاح رهيب على العالم من خلال تكنولوجيا العصر التي سعي إليها باقتدار.. واكتشفنا أيضا أنه كبر خارج هذا المناخ الثقافي الضحل الذي قدمته مواكب الأدعياء والمهرجين والنخب الكاذبة.. لابد أن نعترف بأن هذا الجيل كان أكبر المفاجآت لنا يوم 25 يناير.
وبدوري أقول، هنيئا لشعب «مصر» العظيم، وهنيئا لشبابها الذي كسر قيد الخوف وانتصر لكرامة الامة ورفع صوت الحق وغير مجرى التاريخ.
لذلك أدعو الشعب السوداني الأَبي، مفجر الثورات وصاحب الفضل في اشعال شرارة التغيير وتحريك عجلة الثورات، بأن يقتدي شبابه بثورة ميدان التحرير ويتحرك من ميدان أبو جنزير الذي لا يبعد كثيرا من القصر الجمهوري الذي أمتلئ بمن قالوا بأنهم جاءوا من جبرونا وكوبر وزقلونا وخلافها من المناطق الشعبية التي تنعدم فيها الخدمات الضرورية لنجدة البسطاء.
وللآسف الشديد بعد مرور واحد وعشرين عاما على من أستغل الدين من أجل الدنيا، ما نالوا عيشاً مكرماً، بل ظلم وإهانة واستبداد، وأمتلات العاصمة القومية (الخرطوم) بالعباد بسبب غياب العدالة الاجتماعية وأصبحت وكرآ للإنتماءات الإثنية والجهوية والفساد والمحسوبية.
بعدما كانت كما قال الشاعر صلاح عبدالصبور:-
هما نهران في مجرى
تبارك ذلك المجرى
فيمناه على اليسرى
ويسراه على اليمنى
وهذا الازرق العاتي
تدفق خالداً حرا
وذاك الابيض الهادي
يضم الازرق الصدرا
فما انفصلا ولا انحسرا
ولا اختلفا ولا اشتجرا
ولا هذي ولا تلك
ولا الدنيا وما فيها
تساوي ملتقى النيلين
في الخرطوم يا سمرا
* * *
ولعودة الروح المسلوبة بعد مرور 21 عاماً على سلبها دون ارادة أصحابها يجب على شباب التغيير التحرك لردها فميدان ابو جنزير في انتظار ثورة التحرير من أجل الحرية والعدالة والعيش الكريم.
واخيراً، يقول الشاعر هاشم الرفاعي في قصيدتة - رسالة في ليلة التنفيذ-
ان احتدام النار في جوف الثرى
امر يثير حفيظة البركانِ
وتتابع القطرات ينزل بعده سيلٌ
يليه تدفق الطوفانِ
فبموج يقتلع الطغاة مزجراً
اقوى من الجبروت والسلطانِ
اذا انتصر الضياء ومزقت
بيد الجموع شريعة القرصانِ
فلسوف يذكرني ويكبر همتي
من كان في بلدي حليف هوانِ
حسن الطيب
ميدل ايست أونلاين