الخرطوم: فايز الشيخ جوبا: مصطفى سري
الشرق الاوسط
صعد تحالف المعارضة السودانية من حملته ضد الحكومة وتحدي السلطات باعتقال كل قادة المعارضة على خلفية اعتقال الأمين العام للمؤتمر الشعبي الذي ربطت الخرطوم اعتقاله بعلاقته بحركة العدل والمساواة المتمردة في إقليم دارفور المضطرب.
واعتقلت السلطات زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض، حسن الترابي، من منزله في الخرطوم مساء أول من أمس، الاثنين، في وقت متأخر، مع أكثر من 10 من قيادات الحزب، وقالت لـ«الشرق الأوسط» مصادر مقربة من الترابي «قوة من الأمن على سيارات عسكرية»، في حين أكد المركز السوداني للخدمات الصحافية المقرب من الحكومة حادثة الاعتقال، وقال مصدرا أمني رفيع المستوى إن الأجهزة المختصة حصلت على وثائق ومعلومات تؤكد علاقة حزب المؤتمر الشعبي بحركة العدل والمساواة الدارفورية وذلك بعد الإفادات التي أدلى بها قادة الحركة الذين تم أسرهم بغرب دارفور مؤخرا.
وكانت السلطات قد أوقفت عددا من قادة الحركة المسلحة في دارفور الأسبوع الماضي، وقال المصدر إن الإفادات والوثائق أكدت دور المؤتمر الشعبي في توجيه وتمويل أنشطة حركة العدل والمساواة بالإشراف المباشر على عملياتها العسكرية في دارفور لإثارة التوتر دون أدنى مراعاة لمعاناة أهل دارفور. لكن المعارضة أكدت تضامنها مع الترابي الذي اعتقل عدة مرات في السنوات الأخيرة، وسارعت بعقد مؤتمر صحافي في مقر المؤتمر الشعبي، وأكد التحالف تمسكه بموقفه الداعي إلى إسقاط الحكومة عبر النزول إلى الشارع، واعتبر أن الحكومة برفضها مقترح تكوين حكومة انتقالية لم تترك له أي خيارات ثانية، لكن تحالف المعارضة عاد وأكد أن الباب ما زال مفتوحا أمام المؤتمر الوطني بقبول طرح التحالف بإنجاز حكومة انتقالية ودستور يفضي إلى انتخابات تأتي بممثلي الشعب الحقيقيين.
ورفض حزب المؤتمر الشعبي المبررات التي ساقتها السلطات الأمنية لاعتقال الأمين العام للحزب، وعدد من قياداته في وقت متأخر من مساء أول من أمس، وقال الحزب إنه ليس بـ«السذاجة» التي تعتقدها السلطات حتى يخطط مع حركة العدل والمساواة ويترك وثائقه في يدها تتجول بها في الغابة. وقال نائب الأمين العام، عبد الله حسن أحمد، أمس، إن الأمين العام للحزب و9 من كوادر الحزب اقتادتهم السلطات الأمنية في وقت متأخر من ليلة أول من أمس بسبب موقف الحزب المعلن تجاه الحكومة القائمة حاليا، ومناداته مع قوى الإجماع الوطني بضرورة تكوين حكومة انتقالية تعدل الدستور وتهيئ المناخ لانتخابات حرة ونزيهة.
إلى ذلك، طالب تحالف القوى الوطنية، المعارض، بإطلاق الترابي والقيادات التي اعتقلت معه فورا، وقال القيادي في التحالف، محمد ضياء الدين، إن الموقف الذي يتبناه المؤتمر الشعبي هو موقف تحالف القوى الوطنية، وزاد: «لا عدول عن هذا الموقف»، وشدد: «لن نقبل الاستفزاز، ونعلم أن الشعب السوداني إذا صبر على الجوع، فإنه لن يصبر على القهر والإذلال»، وأضاف: «كنا حريصين على الحفاظ على وحدة السودان، إلا أن المؤتمر الوطني بسياساته الخاطئة واعتقالاته وغيرها من ممارساته المعيبة سيدعونا إلى مواجهته وفقا لاستراتيجية اعددنا لها جيدا»، وتابع: «نحن على استعداد لتقديم كل التضحيات، وإن الاعتقالات لن تثنينا عن مواقفنا المعلنة».
من جهتها كشفت القيادية في حزب الأمة القومي، الدكتورة مريم الصادق المهدي، عن تلقيها في وقت متأخر من مساء أمس تهديدات بالاعتقال، وقالت إنه من الواضح أن المؤتمر الوطني لم يعد أمامه إلا تنفيذ التهديدات التي أعلن عنها من قبل مع صعود موقف المعارضة الداعي للتغيير، الذي لن تثنيه أي محاولات قمعية، حسب تعبيرها.
وذكرت الدكتورة مريم أن المؤتمر الوطني قد خلق بخطوته باعتقال الترابي وعدد من كوادر المؤتمر الشعبي توترا قبل إعلان النتيجة النهائية للاستفتاء، وكشفت عن اجتماع مهم لرؤساء الأحزاب عقب تلك النتيجة لإعلان الموقف النهائي من النظام القائم الآن. ورددت: «خطوة الاعتقالات لن تخيفنا ولن تؤثر في عمل التحالف»، وأعلنت عن ندوة جماهيرية حاشدة تعقد اليوم في دار المؤتمر الشعبي في الخرطوم، ويتحدث فيها قادة الأحزاب السياسية.
في السياق طالب أمين الاتصال بالحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) وممثل الحزب في تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض الدكتور أبو الحسن فرح في تصريح صحافي، أمس، بإطلاق سراح الترابي وقيادات المؤتمر الشعبي المعتقلين فورا، وانتقد الاعتقالات، وأكد موقف الحزب الداعي لكفالة الحريات والداعم لقضايا الديمقراطية.
وأعلن المؤتمر الشعبي عن قائمة المعتقلين التي ضمت إلى جانب الأمين العام الدكتور الترابي كلا من نائب الأمين السياسي الأمين عبد الرازق، ومساعد أمين ولاية الخرطوم دهب محمد صالح، وعضو الأمانة العامة أحمد الشين الوالي، وعضو الأمانة العامة علي شمار، بجانب القيادي الناجي عبد الله، وعضو أمانة الخرطوم محمد أحمد صديق، وعضو الأمانة السياسية آدم حسن، والقيادي عثمان عبد الله، ومدير مكتب الأمين العام تاج الدين بانقا.
وفي جوبا عبرت الحركة الشعبية لتحرير السودان عن رفضها اعتقال الترابي، واعتبرته انتهاكا للدستور والقانون ونسفا للحوار الوطني، ودعت إلى إجراء حوار شمالي - شمالي بين كافة القوى السياسية، بينما استنكر الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة محمد عثمان الميرغني اعتقال الترابي، ووصفته باتجاه الخرطوم لقمع أصوات المعارضة.
وقال نائب الأمين العام للحركة الشعبية رئيس قطاع الشمال وعضو المكتب السياسي، ياسر عرمان، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاعتقالات خارج القانون مرفوضة وهي تنتهك الدستور، وأضاف أن الترابي تم اعتقاله أكثر من مرة دون تقديمه إلى المحاكمة أو توجيه اتهامات محددة له، وتابع: «أحيانا.. حتى التحقيق معه لم يتم»، معتبرا أن الاعتقالات في صفوف الأحزاب السياسية تنسف عملية الحوار الوطني.